وصلتني مشاركة على «واتس أب» تقول:
هل ترفع الرياضة معدل العمر.. معلومات مفيدة: توفي مخترع جهاز المشي عن عمر ناهز 54 عاماً، وتوفي مخترع الجمباز عن عمر ناهز 57 عاماً، كما توفي بطل العالم في كمال الأجسام عن عمر ناهز 41 عاماً، وتوفي مارادونا عن عمر ناهز 60 عاماً، كما توفي مبتكر ثورة اللياقة البدنية جيمس فولر فيكس عن عمر ناهز 52 عاماً.
بالمقابل فإن مخترع النوتيلا والسجائر عاشا عمراً طويلاً. وتنتهي المشاركة بكلمات ساخرة ونصيحة بأكل وشرب ما شئت وعدم ممارسة الرياضة، وأن الأعمار بيد الله. لا بأس من الضحك لكن المعلومات المذكورة أعلاه كلها غير صحيحة أو ناقصة، وهنا تكمن الخطورة.
تم تداول هذه المشاركة اكثر من 20 ألف مرة على منصات «سوشيال ميديا»
حسب قسم تدقيق المعلومات وتفنيد الشائعات التابع لـ«رويترز». والتصحيح هو أن ويليام ستروب مخترع جهاز المشي مات عن عمر ناهز 96 عاماً. ومن طوروا جهاز المشي في العقود الماضية ماتوا بعد سن 80.
مخترع الجمباز فردريك لودويغ مات في القرن الـ19 عن عمر ناهز 74 عاماً، ومارادونا كان مدمن مخدرات وعاش أسلوب حياة غير صحي، أما جيمس فولر فيكس فقد كان مصاباً بمرض جيني في قلبه ورثه من والده.
تعتمد منصات «سوشيال ميديا» على المشاركات المتكررة، وكلما زاد التكرار صدقه الناس، وهنا تنتشر الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة والوهمية. لا يدقق كل الناس في المعلومات الواردة إليهم، وعندما يرون المشاركة تتكرر فإنهم يميلون إلى تصديقها لأنها تكررت.
الاشاعات اسهل من السابق
بالضبط مثل سماع الشائعات تتكرر من أشخاص عدة فتتحول إلى حقائق، وعند ظهور الحقيقة فلا أحد يلتفت إليها، خصوصاً عندما لا تتكرر بنفس طريقة إعادة تداول الشائعات. نشر المعلومات الخاطئة حتى وإن كانت في سياق مزحة قد يدمر حياة أشخاص، ويزعزع استقرار مجتمعات.
يميل البشر إلى تصديق معلومات منحازة لقيمهم ومعتقداتهم الحياتية، مثل من يأخذ فيتامين «سي» للوقاية من نزلة البرد رغم أن العلم قال إنه لا يوجد دليل على ذلك، لكن من يعتقد ذلك يشفى لأنه يؤمن بأنه سيتعافى، وهكذا العامل النفسي.
إذا وقع حريق ضخم في منطقتك ووصلك فيديو من 5 ثوان لحريق ضخم في تايلند، فإنك ستنشره ظناً منك أنه حريق منطقتك. وهكذا نشر الشائعات.
يقول الطبيب النفسي دانيال كانمان إن للعقل نظامين: الأول تلقائي وسريع ويعمل دون وعي الشخص، والثاني مسؤول عن معالجة المعلومات، وبالتالي يستنزف الطاقة العقلية، وهنا يميل معظم البشر إلى تجاهل النظام الثاني والعمل بالأول، وهذا سبب الوقوع في الكثير من أخطاء الحياة.
موقف
في أول التسعينات كان لي مدرس رياضيات يقول لنا كلوا الكثير من السمك لأنه يزيد الذكاء. وفي ذلك الوقت كان السمك سيد موائدنا، ولم تكن ثقافة الأكل في المطاعم منتشرة ولا تطبيقات تجلب لك الطعام إلى المنزل. أكلنا سمكاً كثيراً ولم يحرز أي منا علامة عالية، باستثناء طالب واحد كنا نصفه بالغبي والكسول لمجرد جلوسه آخر الصف، وكان يتفاخر بعدم أكل السمك عناداً في المدرس!